هذا أوان العمل ضد بقرة الفلسطينيين المقدسة

تحفل السردية الفلسطينية بالكثير من “المسلمات” المحصنة بأطواق من “القداسة”، لا يجوز المسّ بها بحال من الأحوال، وعند تناولها، ليس ثمة من حاجة لمناقشتها أو تحدي صحتها، هي هكذا، عليك أن تأخذ بها أو تقامر بالخروج من رحمة الإجماع الوطني، فتصبح “نشازًا” صوتًا وصورة وموقعًا، سُيّجت لفرط التشديد عليها، بقوالب رومانسية، تعالت أن يحيط بها “نظمٌ من الشعر أو نثر من الخُطب”.
من هذه “الرومانسيات”، ما اتصل بمسألة الوحدة والإجماع الوطنيين، فما من حركة تحرر وطني في العالم، مجّدت هذا الشعار مثلما فعلت الحركة الوطنية الفلسطينية، وما من حركة تحرر وطني في العالم، عانت ويلات الفرقة والانقسام، مثلما عانت الحركة الوطنية الفلسطينية، منذ بواكير انطلاقتها وحتى يومنا الحاضر، قبل حماس وبعدها.
تضرب هذه “الرومانسية” جذورها عميقًا في جغرافيا الشتات الفلسطيني، وما استدعته من تدخلات خارجية بعضها نافع وأغلبها ضار للغاية، وصراعات إقليمية على “الورقة” الفلسطينية التي تستمد قيمتها من ارتفاع أو هبوط مكانة القضية الفلسطينية ذاتها، وتستقي مسوغاتها من انقسامات العقائد والأيديولوجيات والمرجعيات، وما ترتب عليها من اختلافات في النهج والمقاربة، بعضها له ما يبرره، فيما بعضه الآخر، يعود لحسابات أنانية ضيقة، من شخصية وفصائلية.